يروي داود بن أبي هند عن الشّعبي: أن رجلا من بني إسرائيل صاد قبّرة، فقالت: ما تريد أن تصنع بي؟ قال: أذبحك فآكلك! قالت: والله ما أشفي من قرم (شدة شهوة اللحم) ولا أغني من جوع، ولكني أعلمك ثلاث خصال هي خير لك من أكلي: أما الواحدة فأعلمكها وأنا في يدك، والثانية إذا صرت على هذه الشجرة، والثالثة إذا صرت على الجبل.
يروي داود بن أبي هند عن الشّعبي: أن رجلا من بني إسرائيل صاد قبّرة، فقالت: ما تريد أن تصنع بي؟ قال: أذبحك فآكلك! قالت: والله ما أشفي من قرم (شدة شهوة اللحم) ولا أغني من جوع، ولكني أعلمك ثلاث خصال هي خير لك من أكلي: أما الواحدة فأعلمكها وأنا في يدك، والثانية إذا صرت على هذه الشجرة، والثالثة إذا صرت على الجبل.
فقال: هات الأولى، قالت: لا تتلهفن على ما فاتك. فخلّى عنها؛ فلما صارت فوق الشجرة قال: هات الثانية، قالت: لا تصدّقن بما لا يكون أنه يكون. ثم طارت فصارت على الجبل، فقالت: يا شقيّ! لو ذبحتني لأخرجت من حوصلتي درّة فيها زنة عشرين مثقالا، قال: فعضّ على شفتيه وتلهّف ثم قال: هات الثالثة. قالت له: أنت قد نسيت الاثنتين، فكيف أعلّمك الثالثة؟ ألم أقل لك لا تتلهفنّ على ما فاتك؟ فقد تلهفت عليّ إذ فتّك، وقلت لك لا تصدقن بما لا يكون، أنه يكون! فصدقت! أنا وعظمي وريشي لا أزن عشرين مثقالا، فكيف يكون في حوصلتي ما يزنها؟
من أمثال الهند
قال الحكيم: وجدت مثل الدنيا والمغرور بالدنيا المملوءة آفات، مثل رجل ألجأه خوفه إلى بئر تدلّى فيها وتعلق بغصنين نابتين على شفير البئر، ووقعت رجلاه على شيء فمدّهما. فنظر فإذا بحيّات أربع قد أطلعن رءوسهنّ من جحورهنّ، ونظر إلى أسفل البئر فإذا بثعبان فاغر فاه نحوه، فرفع بصره إلى الغصن الذي يتعلق به فإذا في أصله جرذان أبيض وأسود يقرضان الغصن دائبين لا يفتران؛ فبينما هو مغتم بنفسه وابتغاء الحيلة في نجاته، إذ نظر فإذا بجانب منه جحر نحل قد صنعن شيئا من عسل، فتطاعم منه فوجد حلاوته، فشغلته عن الفكر في أمره والتماس النجاة لنفسه، ولم يذكر أن رجليه فوق أربع حيات لا يدري من تساوره منهنّ، وأن الجرذين دائبان في قرض الغصن الذي يتعلق به، وأنهما إذا قطعاه وقع في لهوة التنّين. ولم يزل لاهيا غافلا حتى هلك.
قال الحكيم: فشبهتُ الدنيا المملوءة آفات وشرورا ومخاوف بالبئر؛ وشبهتُ الأخلاط التي بني جسد الإنسان عليها، من المرّتين والبلغم والدم بالحيات الأربع، وشبهتُ الحياة بالغصنين اللذين تعلق بهما، وشبهتُ الليل والنهار ودورانهما في إفناء الأيام والأجيال بالجرذين الأبيض والأسود اللذين يقرضان الغصن دائبين لا يفتران؛ وشبهت الموت الذي لا بد منه بالتنين الفاغر فاه؛ وشبهتُ الذي يرى الإنسان ويسمع ويطعم ويلبس فيلهيه ذلك عن عاقبة أمره وما إليه مصيره بالعسيلة التي تطاعمها.
مضرب المثل من الناس
قالت العرب: أسخى من حاتم، وأشجع من ربيعة بن مكدّم، وأدهى من قيس ابن زهير. وأعزّ من كليب بن وائل. وأوفى من السّموأل. وأذكى من إياس بن معاوية. وأسود من قيس بن عاصم. وأمنع من الحارث بن ظالم. وأبلغ من سُحبان ابن وائل. وأحلم من الأحنف بن قيس. وأصدق من أبي ذرّ الغفاريّ. وأكذب من مُسيلِمة الحنفي. وأعيا من باقل (رجل من ربيعة). وأمضى من سُلَيك المقانب (واسمه سليك بن سَلَكة). وأنعم من خُرَيم الناعم. وأحمق من هَبَنَّقة. وأفتك من البرّاض (اسمه البراض بن قيس الكناني). ولكل واحد منهم قصة في صفته يطول ذكرها.
وأما في النساء فقالوا:
أشأم من البَسُوس. وأحمق من دُغَة. وأمنع من أمّ قِرفة . وأقود من ظٌلْمة، وأبصر من زرقاء اليمامة. ()
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *